لماذا نشعر بالقلق؟ وماذا يحدث في الدماغ والجسم حين نخاف؟
رأيت، سمعت، أو قرأت شيئًا ما، وفجأة بدأت تشعر بنبضات قلبك في صدرك أو في عروق رقبتك، جبينك يتصبب عرقًا، بالكاد تستطيع التقاط أنفاسك، والأصوات من حولك صاخبة كما لم تكن يومًا...
لا بد أنك اختبرت هذا الشعور بضع مرات في حياتك، ربما حتى اليوم.
جميعنا نشعر بالقلق من حين لآخر، أو بشكل دائم في بعض الحالات. لكن، هل تساءلت يومًا عن السبب؟ ما الذي يحدث في جسدك حتى يصدر عنك هذا النوع من الاستجابة، وكأن حياتك مهددة، حتى وإن لم تكن كذلك فعلًا؟
القلق هو الحالة التي يدخل فيها جسدنا عندما يشعر أن خطرًا ما يحدق بنا، بغض النظر عن نوعه، بل حتى إن لم نكن نعلم ماهيته بدقة، وهو في الواقع ما يجعل الأمور أسوأ، لأننا كبشر نهاب أكثر ما لا نعرف طبيعته.
قد تكون الاستجابة الوقائية التي يقوم بها الجسم في حالات القلق ضرورية حسب الموقف، فهي تُدخلنا في حالة من التأهب والتركيز الشديدين. أحيانًا يكون السبب خطرًا حقيقيًا، ككلب يركض خلفك مستعدًا لجعلك وجبته التالية، لكن في أحيان أخرى، يحدث هذا لأن الدماغ يبالغ في تقدير حدث معين أو احتمالات نتائجه، مما يؤدي إلى استجابة مفرطة أو مزمنة، من دون داعٍ، فتؤثر على حياتنا اليومية بشكل سلبي؛ كأن تجعلنا نتجنب مواقف عادية فقط لأنها قد تسبب توترًا، حتى لو كانت ضرورية، كاتخاذ قرار أو مواجهة شخص مقرّب.
ما الذي يحدث في جسمك عند القلق؟
في الدماغ، هناك جزء صغير في الأعماق يُعرف بـاللوزة الدماغية، وهو المسؤول عن تنظيم مشاعرك، واستيعاب ما يجري في محيطك، وبناءً عليه يحدد ما يجب أن تشعر به: هل هو الغضب؟ السعادة؟ أم الخوف؟
عندما تستشعر اللوزة تهديدًا – حتى وإن كان بسيطًا – فإنها تتعامل معه كمصدر خطر حقيقي على حياتك.
ترسل إشارات إنذار إلى مناطق أخرى في الدماغ، منها تحت المهاد، الذي يستجيب بإفراز هرمونات التوتر مثل الأدرينالين والكورتيزول، ما يدخل الجسم في حالة "المواجهة أو الهروب":
تتسارع ضربات القلب، يرتفع معدل التنفس، تتحفز الحواس، وتصبح يقظًا تمامًا لما يجري من حولك.
أما الحُصين، وهو الجزء المسؤول عن تخزين الذكريات، فيبدأ باستدعاء أحداث مشابهة مما مررت به سابقًا، محاولًا إيجاد سياق منطقي لما يحدث (حتى وإن لم يكن منطقيًا فعلًا في بعض الأحيان).
ثم تستلم القشرة الجبهية الأمامية هذه المعلومات لتُحلل الحدث وتُقيّمه:
هل التهديد حقيقي؟ أم أن الأمر أبسط مما يبدو؟
وبناءً على ذلك، تقرر ردة الفعل الأنسب.
متى يصبح القلق مرضًا؟
يتحوّل القلق الطبيعي إلى اضطراب عندما يتعرض الدماغ لمحفزات توتر مستمرة، مثل المشكلات العائلية التي لا تنتهي، أو الضغوط العالية في العمل أو الدراسة.
حينها، يطغى تأثير اللوزة الدماغية على مناطق المنطق واتخاذ القرار، فتجد نفسك تعيش في حالة دائمة من الخوف والترقب.
لكن، ما الحل؟
هل كُتب عليك أن تعيش في قلقٍ دائم؟
هذا ما سأتحدث عنه في المقال القادم.
Comments
Post a Comment