ما هو التفكير متعدد التخصصات؟ وهل هو أفضل من التخصص الواحد؟

 

التفكير متعدد التخصصات multidisciplinary thinking


هل طُلب منك وأنت صغير أن تختار ما ستفعله بقية حياتك؟

هل قيل لك إن عليك أن تدرس بجد لتحقيقه؟
أو – والأسوأ – قيل لك إنك ستصبح طبيبًا أو مهندسًا، وعليك أن تكرّس وقتك للمدرسة كي تصل إلى ذلك المصير المرسوم لك مسبقًا؟

ربما اخترت دراسة الاقتصاد في الجامعة، ومجددًا طُلب منك أن تغرق في جداول الحسابات وقوانين السوق دون أن تلتفت يمينًا أو يسارًا، لأن تلك هي "الطريقة الوحيدة" لضمان التفوق ثم منصبٍ جيد.

لكن هل تساءلت يومًا إن كان هناك طريقٌ آخر؟ أو بالأحرى، طُرقٌ أُخرى؟

أن تختار تخصصًا، تأخذ دروسًا في مجال آخر، تقرأ كتبًا في مجالات مختلفة تمامًا، وتستمع إلى بودكاست عن موضوع لم تكن تعلم بوجوده، بينما تمارس الرياضة أو تصمّم شيئًا ما...

مع الوقت، ومع التهامك لمصادر معرفية متعددة وثقافات متنوعة، ستطوّر ما يُعرف بـالتفكير متعدد التخصصات.
فالمعارف التي صادفتها في حياتك لن تبقى مجرد معلومات تستحضرها حين يطلب منك مديرك إنجاز مهمة، أو حين يسألك صديق عن اسم نبتة معيّنة؛ بل ستصبح طريقة لتوسيع نظرتك للعالم، لرؤية الأشياء من زوايا مختلفة، ولتفكيك المشكلات وفهمها قبل محاولة حلّها.

حينها، يتحول التفكير النقدي إلى عادةٍ تمارسها بشكل تلقائي، ويتوسّع ليشمل كل ما تواجهه.

أما في حياتك العملية، فستلاحظ الفرق بوضوح.
إن درست التسويق وأرفقته بعلم النفس، سيُصبح الوصول إلى جمهورك وتحويلهم إلى عملاء محتملين مسألة في غاية السلاسة.
إذا بالاضافة لهم كان التصميم هوايتك ، والرياضات الجماعية متنفسك، فقيادة فريق تسويق مثلًا ستكون مهمة طبيعية بالنسبة لك.
لماذا؟ لأن معرفتك المتنوعة ستسهم في فهم احتياجات كل قسم، وتجعلك قادرًا على توجيه الفريق وفقًا لتلك الاحتياجات، بينما يقوم المتخصصون بتنفيذ الجوانب التقنية.

إبداعك سيتحفّز، وستبدأ في رؤية أشياء لم تكن تلاحظها من قبل.
وإن قررت التوجّه نحو البحث العلمي؟ سيكون ما اكتسبته من معرفة سابقة أفضل استثمار، لأنك أصبحت تدرك المشكلات القائمة، وتفهم بعض الحلول التي لم تنجح تمامًا، ;كما تملك أدوات التفكير التحليلي والنقدي... ما تبقى؟
ابدأ بترتيب القطع، وستصل إلى الحل.

ما أريد قوله ببساطة: لا تقيّد نفسك.
غذّ فضولك، وأطعِم عقلك، ولا تسمح لحسّك الإبداعي بأن يذبل، أو لقدرتك على حلّ المشكلات أن تضعف.

خاصةً في عصر الذكاء الاصطناعي، الذي يمكنه أن يساعدك في تطوير نفسك إن استخدمته بطريقة صحيحة، لكنه – في المقابل – قد يزرع فيك الكسل ويُخمّد عقلك إن تركت له زمام المبادرة وتوقفت عن استخدام قدراتك.

ماذا عنك؟ هل أنت متخصص بعمق في شيء واحد؟ أو تفضل تكون ذو تفكير متعدد التخصصات؟


Comments

Popular posts from this blog

لماذا نشعر بالقلق؟ وماذا يحدث في الدماغ والجسم حين نخاف؟